top of page

باودولينو



 

للإستماع للمراجعة:

 

إنّ من يقف على رواية "باودولينو" لكاتبها الفيلسوف "أمبرتو إيكو"، يستشف منها الكثير والكثير من العجب والغرابة وما إلى ذلك من الأمور التي تجعل العقل في حيرة من أمره، تشكل هذه التحفة -أي الرواية- بعدًا خاصًا من ناحية السرد والقصِّ، نستطيع أيضًا أن نرى من خلال هذه الرواية أبعادًا كثيرة سأتطرق لها بعد قليل، فالرواية يصح القول عنها أنها سيرة لحياة "باودولينو".


رواية "باودولينو" هي سلسلة من المغامرات والأحداث تشكّل مضمونها مراحل تاريخية، في مواضع مهمة حساسة، تقع هذه الأحداث على أطراف الحروب البيزنطية الصليبية في القرن الثاني عشر الميلادي، أي ما يصادف القرن السادس الهجري، "وهي سيرة وإن لامست الواقع في أحيان قليلة، فإنّها قد حلّقت في أغلب الأحيان في سماء الخرافة والوهم يظلّلها الكذب الذي يشكّل بالنسبة إليها مخرجًا من كلِّ استحقاق محرج".


أيضًا، من يقف على عتبات النص ومضمونه يجد نفسه بلا شكٍّ أمام تنظيرٍ خطيرٍ خفيًّ ومريبٍ يدور محوره حول مشروعية اختلاق الكذب ووجوديته، وإنَّ هذا المحور مبثوث في ثنايا السرد، من أول الرواية حتى آخرها.


تشكِّل الرواية أبعادًا مختلفةً، فنجدُ الفلسفةَ حاضرة في الروايةِ ونجد التاريخ العمود الفقريّ لها، وثقافة الأديان حاضرة متجسدة في الشخصيات، وغيرها من الأبعاد. ونستشف بعضًا من النقاط المهمة فعلى سبيل المثال تتشكل في أذهاننا "الشكّ وتحديد الحقيقة" من منظورٍ، وشكُّ صاحب السيرة - باودولينو- في سيرته، وثنائية الكذب والخرافة، ووظيفة الكذب، وما يكون بين الخرافة والتاريخ.


والأخبار حين ما تدوَّن، لا تدوَّن حرفيًا بصدق، فالراوي ينقسم إلى قسمين، راوٍ محافظ، وراوٍ مبدع، والمبدع هو الذي يضيف ويبتكر في الأحداث، وهذه الأحداث تقيّد في الورق، ولكن ماذا عن من فقد المدوَّن فبتدأ بالرواية شفهيًا؟، ففقدان "باودولينو" المدوّنة يعني الوقوف أمام توغّل إضافِي جديد، داخل مناخ الشّكّ والوهم في عمق الرواية.


 

مراجعة: حسين أبوسهيل

التعليق الصوتي: زينب الموسوي


هذا العمل تم بالتعاون مع مبادرة القراء البحرينيون:

@bahrainireaders

@bhreaders_reviews

33 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page