top of page

ربما لن تستطيع قراءة هذه البيانات كما فعل هابل فهل كان ذلك حظاً أم عبقريةً؟



كيف يمكنك تصنيف هذه البيانات؟ هل تضعها في الاتجاه الخطي أو التربيعي أو في اتجاه آخر أم أنه يصعب عليك تحديدها؟



قبل ثلاث سنوات من النظر في هذه البيانات خلُص عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل إلى أنه من بين 400 جسم سماوي يُعتقد أنها غيوم من الغبار والغاز وتسمى السدم، توجد بعض المجرات الأخرى. كان العمل في تلسكوب مرصد ويلسون شمال شرق لوس أنجلوس قادرًا على تمييز الأجزاء الخارجية لبعض المجرات الحلزونية كنجوم فردية حيث وُجد أن الكون أكثر من مجرة ​​درب التبانة. تشير تقديرات اليوم إلى وجود 200 مليار مجرة في الكون.


وفي سنة 1929 بحث هابل في بيانات السرعات المقاسة والمسافات إلى المجرات التي تم جمعها في عمليات المراقبة والرصد الفلكية. تم تحديد المسافات إلى المجرات من سطوع النجوم تلك المجرات. يتم تصحيح السرعات الشعاعية بالنسبة لحركة الشمس حيث تعني السرعة الشعاعية الموجبة تعني أن المجرة تبتعد عنا بينما تعني السالبة أنها تتحرك وتقترب نحونا.


باستثناء بضع نقاط بيانات ذات سرعة شعاعية سالبة فإن البيانات (الموضحة في الشكل أعلاه) تتبع هذه النتيجة - كلما كانت المجرات أبعد، ازدادت سرعة ابتعادها عنا. كانت هناك محاولات سابقة للربط بين السرعة والمسافة بين المجرات ولكن لم يتم العثور على أي ارتباط حاسم. من المجموعة الكاملة المكونة من 46 نقطة بيانات متاحة في ذلك الوقت استخرج هابل 24 مجرة ​​بأكثر القياسات موثوقية للسرعات والمسافات وذكر استنتاجه بأن الارتباط ارتباط خطي.



تناسب هابل الخطي بين سرعة المجرات ومسافاتها.



استنتاج هابل الأصلي بأن السرعة مقابل البعد عن المجرات يتبع الاتجاه الخطي (الشكل السفلي الأيسر) أكثر إقناعًا بكثير من نتيجته الجديدة التي ظهرت بعد عامين (الشكل السفلي الأيمن) بما في ذلك البيانات من المجرات البعيدة (النقاط الحمراء).


لم يتضح حتى يومنا هذا إذا ما كان هابل شخصًا عبقريًّا ومحظوظًا قليلاً أو أنه كان حدسياً للغاية بشأن قوانين الكون. يرى البعض أن اكتشاف هابل هو أهم اكتشاف في علم الفلك في القرن العشرين لأن الاستنتاجات التي ولّدها مباشرة أحدثت ثورة في فهمنا للكون. ومن ناحية أخرى كانت نقاط البيانات التي قام بتركيبها في البداية على المنحنى الخطي شحيحة وغير مرتبطة بدرجة كافية مما يرجح فرضية أن هذا الارتباط الذي رآه قد يكون مجرد صدفة.


قانون هابل، العلامة الفارقة في علم الفلك


قدر هابل المنحدر في منحناه الخطي بـِ 500 كيلومتر / ثانية / ميجا فرسخ فلكي (كيلومتر في الثانية لكل ميلون فرسخ فلكي) وهو أكبر بحوالي 7 مرات من أفضل تقدير لثابت هابل اليوم أي بحوالي 70 كم / ثانية /ميغا فرسخ فلكي. يعطي تقدير هابل للمنحدر (بافتراض أن الكون يتمدد بمعدل ثابت) تقديرًا بأن عمر الكون يبلغ ملياري سنة أي أقل من نصف عمر الأرض! كان أكبر مصدر للخطأ في تقدير بعد المجرات والذي تم تحديده في النصف الثاني من القرن الماضي عندما قدر ثابت هابل في نطاق يتراوح بين 50 إلى 90 كم / ثانية /ميغا فرسخ فلكي.


مع ذلك، أكثر أهمية وقتها من تقدير هابل للمنحدر هو اكتشاف هابل للعلاقة والتي تسمى بقانون هابل، وقد أحدث ثورة في فهمنا للكون.


يعتبر الارتباط بين مسافة المجرات وسرعاتها من بين الأدلة الرئيسية التي تشير إلى أن كوننا يتمدد كما يعتبر أحد أهم أربع ملاحظات اساسية بنيت عليها نظرية الانفجار العظيم "Big Bang". على الرغم من أن هابل نفسه لم يكن صاحب فكرة تمدد الكون "Expansion of the Universe" إلا أن فهمه المقبول تقليديًا بأن كوننا ثابت قد تم التشكيك فيه ورُفض بعد ذلك بعد أن نشر تحليل بياناته واستنتاجه. كما تخلى أينشتاين عن بحثه حول "الإصلاح" الاصطناعي لمعادلاته للنسبية العامة لجعل نموذجه للكون ثابتًا (المحاولة التي اعتبرها فيما بعد أكبر خطأ له) عندما رأى استنتاجات هابل. تم اقتراح الفكرة النظرية لتمدد الكون قبل بضع سنوات من ذلك. ففي 1922، استخلص فريدمان هذا الاستنتاج من نموذجه لكون متجانس المتماثل في جميع الاتجاهات. في 1927، اقترح لوماتر بشكل مستقل بعض التناسب بين السرعة والمسافة إلى الأجسام البعيدة.



ثابت هابل" Hubble’s constant" اليوم


تعني قيمة ثابت هابل المعدل الذي يتمدد به كوننا، والقيمة العكسية لثابت هابل تعطي عمر الكون إذا كان يتمدد بسرعة ثابتة.


اعتمدت الطريقة التقليدية لتحديد ثابت هابل من الخمسينيات (تقنيات سلم المسافة المعاير) تقاربت بمرور الوقت إلى قيمة 73 كم / ثانية /ميغا فرسخ فلكي، ولكن التقنية الجديدة التي بدأ استخدامها منذ عام 2000 (من إشعاع الخلفية الكونية الميكروي) قاربت قيمة مختلفة لثابت هابل وهي 67 كم / ثانية / ميغا فرسخ فلكي. إذا قارنا بين هذين القياسين نجد أن القياس الأول يقيس مدى السرعة التي يجب أن يتوسع بها الكون من تنبؤات الكون المبكر بينما يقيس الثاني مدى سرعة توسع الكون اليوم كما نراه. منذ 2018، تم تقديم المزيد من التقنيات ولكن بدون دقة كافية للاختيار بين القيمتين.



صاحب الصورة: جين كريستيانسن (المخططات).  المصدر: "برنامج كارنيجي - شيكاغو هابل. 8. تحديد مستقل لثابت هابل بناءً على طرف الفرع الأحمر العملاق" بقلم ويندي إل فريدمان وآخرون، مجلة الفيزياء الفلكية، المجلد. 882، 1؛ 29 أغسطس 2019

على الرغم من أهمية القيمة الدقيقة لثابت هابل في تحديد المعدل الذي يتمدد به الكون إلا أن الكثير من علماء الفلك أو الفيزيائيين لم يهتموا بالأرقام الدقيقة للثوابت الفيزيائية الأخرى مثل الشحنة الأولية أو ثابت الجاذبية. ومع ذلك، فإن هذا التناقض بين القيمتين اللتين تم الحصول عليهما لثابت هابل يصبح أقوى مع القياسات المتكررة الجديدة ويعرف اليوم بمشكلة ثابت هابل.


أصبح التناقض بين القيم المقدرة لثابت هابل باستخدام التقنيات المختلفة أقوى مع المحاولات الأخيرة لحلها.


هناك كمية أخرى تتعلق بثابت هابل فاجأت العديد من علماء الفلك عندما تم اكتشافها في 1998. وصف عالم الكونيات الرصدية ألان سانديج في مقالة مراجعة شهيرة صدرت سنة 1970 علم الكونيات بأكمله بأنه "بحث عن رقمين" السرعة (ثابت هابل) والتباطؤ اللذين يتمدد بهما الكون. ثم جاء الاكتشاف المفاجئ في سنة 1998 الذي يفيد بأن كوننا يتمدد ولكن مع التسارع. لتفسير التسارع يقترح نموذج الانفجار العظيم للكون (من معادلة فريدمان) أنه لا بد من وجود طاقة مظلمة يُفترض أن تشكل حوالي 75٪ من الكتلة الكلية في الكون.


 

المصدر:

You Probably Wouldn’t Fit These Data As Hubble Did | by Anna Ned | May, 2021 | Cantor’s Paradise

 

ترجمة:

عبدالكريم


مراجعة و تدقيق:

علي ميرزا عيسى

"فيزيائي، وهاوي فلك"

54 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page