للإستماع للمقالة:
عندما يكون الكون في خضم حركات صارخة، لا الشمس ثابتة، لا الأرض ثابتة، و لا حتى النجوم و المجرات الأخرى ثابتة.
كيف للأبراج الفلكية أن تبدوا ساكنة، هادئة، لا تتحرك نجومها نحو بعضها البعض، و لا تبتعد بعضها عن بعض؟
كيف استطاعت البقاء على ما كانت عليه منذ تسميتها من قبل البابليين في 1894 قبل الميلاد؟
لمَ لا يزال الميزان مكون من خمس نجوم؟ و لمَ لا تزال الجوزاء و العذراء و السرطان و الحمل و غيرها كما رآها البابليون؟
لنجيب عن هذه التساؤلات، فلنعد إلى إحدى أفكارنا الطفولية. و لنرجع إلى ذلك العقل الذي احتضن أفكاراً و تساؤلات عظيمة.
أكثرنا (إن لم نكن جميعنا) قد تساءل عن سبب لحاق القمر به. تسير ببطء شديد، أم تجري بسرعة. مسافة صغيرة كانت، أم كبيرة. لا يزال القمر يتبعك! لا زلت لا تستطيع الافلات منه! لا يزال يراقب تحركاتك![1] على نقيض الأشياء الأخرى كالشجر و البشر و الحجر و غيرها من الأشياء القريبة.
من هذه الفكرة بالتحديد، نستطيع الوصول إلى تفسير لثبوت شكل المجموعات النجمية "تغيرت أشكال المجموعات عبر الزمن، و لكن بشكل طفيف جداً يكاد لا يلحظ". عندما يبدوا القمر و كأنه ثابت يرفض التزحزح و هو على بعد 384,400 كم[2]، كيف لك أن تتصور نجوماً تبعد العديد من السنوات الضوئية؟! (السنة الضوئية الواحدة تعادل 9.46 تريليون كيلومتر)[3] المسافات الشاسعة في هذا الكون تتركنا بمظاهر غريبة، حيث أننا لا نستطيع إدراك التغيرات التي تحدث إلا بعد انقضاء العديد من السنين. ففي كوكبة الجبار مثلاً، توجد نجوم على بعد 1360 سنة ضوئية[4]. و بالتالي، فإن حدوث انفجار لأي من هذه النجوم لن يصل إلى إدراكنا إلا بعد انقضاء 1360 عاماً!
بعض النجوم التي تبعد أقل من 100 فرسخ فلكي (الفرسخ الفلكي يعادل 3.26 سنة ضوئية)[5] يمكن لنا أن نقيس زاوية حركتها الطفيفة عبر رصد موقعها مرتين في السنة يفصل بينهما 6 أشهر، حيث تنتقل الأرض من الموقع أ إلى الموقع ب.[6]*
لكن ماذا يحدث في حال كان النجم يبعد أكثر من 100 فرسخ فلكي عن الأرض؟! ماذا لو كان النجم بعيداً جداً عن الأرض كما هو الحال في النجوم المشكّلة للمجموعات النجمية؟ زيادة بعد النجم عن الأرض مع ثبات بعد الأرض عن الشمس سيؤدي إلى تصغير زاوية الحركة.
و كلما زاد بعد النجم، اقتربت قيمة زاوية حركته إلى الصفر. أي أن النجم سيبدوا ثابتاً بلا حراك بالنسبة لنا!
و بالتالي فإن هذا يفسر سبب بقاء شكل المجموعات النجمية على ما هي عليه.
* 100 فرسخ فلكي هي الحد بالنسبة الى طريقة (قياس المنظر parallax) من الأرض، ولكن التلسكوبات الفلكية تتفوق على الأرضية في دقتها لأنها لا تتأثر بالغلاف الجوي.
If Earth is Always Moving, Then How Do We See the Same Constellations Every Night? 1.
2. بعد القمر عن الأرض:
3. السنة الضوئية:
4. تبعية القمر & نجوم كوكبة الجبار:
5. البرزخ الفلكي:
6. زاوية الحركة:
كتابة:
أمل مرزوق
"طالبة فيزياء، بجامعة البحرين، يشكل الفلك محور اهتماماتي ومنه تندرج هواياتي كرصد الأفلاك، القراءة، وعبر روابط غريبة.. الإلكترونيات، تعلم اللغات والكتابة، وغيرها، أسعى لجعل علم الفيزياء في متناول الجميع، بمحاولة نقله بلغة بسيطة قادرة على تغيير النظرة الشائعة نحوه"
مراجعة و تدقيق:
علي ميرزا عيسى
"فيزيائي، وهاوي فلك"
موضوع رائع، شكرًا