للإستماع للمقالة:
واقعًا حين نرتدي معاطفنا فهي لا تدفئنا، بل تستمد الحرارة من أجسادنا، فهل تساءلت يومًا لم أكثر المعاطف دفأً هي تلك التي صُنِعَت من الفرو والجلد؟ لا يخفى عليكم أن التقنية التي تدفأنا بها المعاطف هي ذاتها التي تمنع ترمس الماء من أن يبرد وكذلك ذاتها التي تستخدم في صناعة أكواخ الجليد.
الهواء:
ما ذُكِرَ سلفًا من أدوات حفظ الحرارة تعمل كعازلٍ باستخدام الهواء، فحين نرتدي معطفًا من الفرو فإن الفراغات التي بين ذلك الفرو أو الصوف تمتلأ بالهواء الذي يعزل الجسم من أن يبرد بعد أن دفأ نفسه وكذلك الهواء الذي يسكن بين طبقتي ترمس الماء يحافظ على حرارة الماء، وذلك بسبب كتلة الهواء الصغيرة التي تجعله موصلاً رديئًا لكل من الحرارة والكهرباء، وبذلك إن كثافة الهواء المنخفضة ترديه كعازل ممتاز. أيضًا الحمل الحراري الذي الذي يعبر عن حركة الحرارة خلال الموائع (السوائل \ الغازات) وبذلك يفقد الهواء الصاعد الحرارة ويبرد السطح من خلال هذه العملية، ولكن بتلك الحرارة المفقودة تظل متمركزة في المركز، ومن الجيد لفت الانتباه بأن الحرارة عبارة عن شكل من أشكال الطاقة التي بوسعها الانتقال من منظومة فيزيائية إلى أخرى أو بعبارة أبسط من جسم إلى آخر. إضافة إلى ذلك يمثل الإشعاع أحد الخواص المهمة في انتقال الحرارة، ولأن -وكما ذكرنا سلفًا- فإن رداءة التوصيل التي يختص بها الهواء تشكل فجوة تُبطئ من عملية انتقال الطاقة، فتصبح العملية أكثر تعقيدًا وبطيئة، فبدل أن تنتقل الطاقة (الحرارة) من السطح الأول للثاني مباشرة، يأتي حاجز الهواء مشكلاً سطحًا ثالثًا يجب أن تشع الحرارة من خلاله كي تنتقل للسطح المُعاكس. وبهذا نصل إلى أن الهواء يحمي الأجسام المحيطة به من فقدان الحرارة.
الثلج:
إن كنت من سكان الشرق الأوسط فمن المؤكد بأنك لا تستطيع التفريق بين سكان آسيا وذلك لأنك لم تألفهم، ولا نلومهم إذا لم يفرقوا بين أفراد مجتمعاتنا ولا داعي للاستغراب عندما تعلم أن للثلج أكثر من 300 نوع، وأن شعب الإسكيمو يستطيعون التفريق بين شتى أنواع الثلوج، وذلك طبيعي فإنهم يعيشون في بيئة تكاد تخلو من أشكال الحياة ولم تر أيًا من مظاهر التمدن، وإنما مساحات واسعة من الثلوج.
وبين اختلاف تراكيب أنواع هذه الثلوج، يأتي نوع فريد تترتب فيه بلوراته بطريقة تجعله مُشَكلًا من 90% من الهواء 10% ماء، ولذلك استعمل هذا النوع من الثلج كحجر بناء الأكواخ الجليدية (الإيغلو)
أكواخ الثلج (الإيغلو):
باستعمال هذا النوع من الثلج كطوب لبناء المنزل، سيدعم ذلك بناء كوخ عازل للحرارة الخارجة، ويمنع تسريب الحرارة من المنزل، بفعل الهواء المحبوس بين بلورات الثلج والذي يعمل كعازل للحرارة.
يُبنى الكوخ على شكل مستدير أو على شكل قبة، فهو الشكل المستقر المُتعمَد لبناء الإيغلو، وذلك ليضمن صمود الكوخ أمام العواصف والرياح ويمنعه من أن ينهدم، وذلك لأنه يفتقر لحواف بزوايا بارزة، ومن الجانب الهندسي فإن التصميم المنحني للكوخ (شكل القبة) يوزع الأحمال الواقعة بشكل رأسي عليه إلى قوة أفقية يتم تفريغها في الأرض، كما أنه التصميم المثالي لتجنب هدر المساحات.
قد يبدو لك شكل الإيغلو صغيرًا، ولكنه واقعًا به مساحات واسعة حيث يتكون التصميم المعماري له من غرفة تحت الأرض وأخرى فوق السطح، وهذا لأسباب أيضًا. حيث يتم في الغرفة السُفلية الأنشطة التي من شأنها إنتاج الطاقة الحرارية كالطبخ وحرق الأخشاب، بينما تكون غرفة المعيشة أو النوم في الغرفة العلوية، والسبب العلمي لذلك بسيط.
من المعروف أن الهواء الساخن أقل كثافة من الهواء البارد، وعند جمع الموائع معًا في إناء فإنها ستنفصل حسب ترتيب الكثافة، فيصبح المائع الأقل كثافة على السطح والأكثر كثافة في القاع، أو بتعبير علمي آخر يأخذ الحمل الحراري مكانه في هذا الوسط. فتنتقل الحرارة إلى السطح ويبرد القاع، ثم بوجود مصدر حراري في الغرفة السُفلية فإنها ستسخِن الهواء البارد مرة أخرى، وذلك يضمن تدفئة الكوخ الثلجي (الإيغلو).
كتابة:
مريم جواد العريبي
"طالبة بكالوريوس صيدلة ،مهتمة في البحوث العلمية وقضية الماء والزراعة."
مراجعة و تدقيق:
كميل عبدالعزيز
"طالب فيزياء سنة أولى. مهتم بالرياضيات بشكل خاص والعلوم (غير الفيزياء) بشكل عام"
Comentários